مال واعمال

الأسواق المالية – الضغط الوحيد الحقيقي على ترامب

الأسواق المالية كأداة للرقابة على ترامب

في 12 ديسمبر، قام الرئيس المنتخب دونالد ترامب برنغ جرس الافتتاح في بورصة نيويورك، بينما كان يقف أمام غلاف مجلة “تايم” للعام 2024 الذي يحمل صورته كـ “شخصية العام”. مع تزايد القلق من أن يكون هناك رئيس غير مقيد، جاء دور الأسواق المالية لتكون الجهة التي تمثل فكرة الرقابة غير الرسمية.

ليس سرا أن ترامب، في فترة رئاسته السابقة وهذه، أظهر اهتماما كبيرا بأسواق الأسهم. ولكن ما هو واضح هو أن الأسواق ليست مجرد أداة للثراء، بل تمثل نوعًا من الرقابة التي قد تعيد ترتيب أولويات الإدارة. على سبيل المثال، بعد تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على السلع القادمة من كندا والمكسيك، شهدت الأسواق رد فعل سريع ودقيق، حيث انخفض مؤشر S&P 500 بنسبة 1.6%.

ردود الفعل السوقية

امتدت تداعيات تلك التصريحات إلى أسواق أخرى، حيث أغلق مؤشر ناسداك عند انخفاض بلغ 2.8%، مما ساهم في إظهار عدم الاستقرار الذي قد يواجه الاقتصاد في فترة رئاسة ترامب. وللصفقات التجارية، كان هناك تاريخ حافل بتهديداته التي تؤثر على الأسواق، مثل إعلان الرسوم الجمركية على الصين في مارس 2018، الذي أدى إلى انخفاض الأسواق بنسبة 5% في أسبوع واحد.

وتقترح التوقعات أن ترامب، الذي لديه مصداقية قوية في وول ستريت، قد يتعاطى مع الأسواق باعتبارها نقطة مرجعية لتحديد مسار سياساته.

السوق كرقابة

ربما يكون السوق المالي هو الجهة الوحيدة التي يبدو أن ترامب يوليها اهتمامًا حقيقيًا. وفقًا لجيريمي سيغيل، أستاذ الاقتصاد الفخري في جامعة وارتون، “ترامب هو الرئيس الذي ارتبط نجاحه ارتباطًا وثيقًا بسوق الأسهم أكثر من أي رئيس آخر في تاريخ الولايات المتحدة”. وهذا يعني أنه قد تكون هناك حاجة ملحة لتحسين الأداء السوقي، وهو ما يعتبر أداة للرقابة غير المكتوبة على سياساته.

على الرغم من الارتفاعات التي شهدتها الأسواق بعد إعادة انتخابه في نوفمبر، بدأت تعكس الأسواق مؤشرات من عدم الاستقرار. ارتفعت أسعار العملات الرقمية ولكنها عادت إلى التراجع بنسبة 20% عن أعلى مستوياتها التي ارتبطت بوجود ترامب.

أهمية سوق السندات

بالإضافة إلى سوق الأسهم، فإن سوق السندات يمثل جهة مهمة للرقابة أيضًا، خاصة مع وجود الدين الوطني البالغ 36 تريليون دولار الذي يحتاج إلى إعادة تمويل مستمر. تجارب سابقة لدول أخرى، مثل تجربة رئيسة وزراء بريطانيا السابقة ليز تروس، تؤكد كيف يمكن أن تؤثر السوق المالية بشكل كبير على السياسات الحكومية.

في حالة ترامب، يظل نفوذ السندات قادرا على التأثير على سياساته، حيث أن التغيرات في أسعار الفائدة قد تعكس رد فعل المستثمرين تجاه سياسته الاقتصادية.

التحديات الاقتصادية

تحت إدارة ترامب، أثر الاقتصاد الأمريكي في تعاملاته مع الأسواق بشكل كبير. في الوقت الراهن، يعتمد ترامب على الاقتصاد المتين الذي تحقق خلال إدارة بايدن، والذي شهد نموًا يصل إلى 3.6% من الناتج المحلي الإجمالي بين عامي 2021 و2024. هذا بالمقارنة مع 1.5% فقط من النمو خلال فترة رئاسته الأولى.

ستصبح الأسواق أكثر أهمية إذا واجه ترامب أزمة حقيقية، مثل أزمة 2008 التي أثرت على قيادة البلاد في تلك الفترة. في النهاية، تظل الأسواق المالية وأثرها على السياسة الأمريكية بمثابة تذكير بأن الاقتصاد هو بمثابة البوصلة التي قد توجه القادة في الأوقات الصعبة.

السابق
أسواق الأسهم تتكبد أسوأ أسبوع منذ سبتمبر – انخفاض بنسبة 6٪
التالي
تكنولوجيا الذكاء الصناعي – هل هي هيجان أم تحول أساسي؟

اترك تعليقاً